الفن والجماهير في مكتبة مبارك المنصورة ...طه قرني نموذجا


كتبت الشاعرة فاطمة الزهراء فلا:

ثلاثة من النجوم تألقوا في مكتبة مبارك بالمنصورة نوع من التميز انفردت به المكتبة لمناقشة عمل جماهيري عالمي للفنان التشكيلي المبدع طه قرني وتحدث عنه الفنان والناقد عز الدين نجيب ومعه الفنان والناقد خالد البغدادي في ندوة أدارتها الشاعرة فاطمة الزهراء المسئول الإعلامي بالمكتبة

في البداية تحدث عز الدين نجيب قائلا:إن العالمية أن يستغرق المبدع في المحلية مثل نوبل محفوظ الذي حصل عليها كاتبنا الكبير نجيب محفوظ لأنه استطاع أن يصور لنا بدقة أحداث الحارة المصرية كما فعل طه قرني تماما في لوحتيه المولد والسوق

لوحة مصرية بألف وجه
- أسواق مصر الشعبية القديمة جذبت انتباه المستشرقين وأثارتهم ببائعيها وروادها فرسموا مقاطع محدودة منها مثل رسمهم لبائع السجاد أو باعة وطارقى النحاس .. أو باعة الماء .. وفنانون مصريون رواد رسموا أسواق الريف فى مقاطع أيضاً لمشاهد منفصلة مثل رسمهم لباعة الدجاج والبيض أو الجمال أو الجبن .
- هؤلاء وهؤلاء رسموا مشاهد منفصلة للسوق المصرى القديم ، والفنان ( طه القرنى ) رسم بانوراما لم يسبقه إليها أحد فى رسم سوق مصرى فى القرن الواحد والعشرين । رسم هذا بتفاصيل دقيقة وواقعية مبهرة ، فى بانوراميته ( سوق الجمعة ) وفنياً نلاحظ أن التصميم والتكوين المستعرض لهذه المساحة من العمل أجاد فيه الفنان بمقدرة تأكيد العمق مثلما أكد على المسطح الأمامى حتى يبدو السوق وكأنه خارج من بطن الجبل مادياً ومعنوياً وإنسانياً مترب بلون الفقر الرمادى وهو أيضا لون الجبل وترابه الرمادى الذى كثيراً ما يغطى هذه المنطقة : كما تميز الفنان فى تعامله مع الفراغ خلف اللوحة أو أعلاها والفراغات داخلها والتى تتماهى مع الفراغ الشاسع المحيط أمام جبل فقراء القاهرة القديمة وأعتقد أنه لم يسبقه أحد ولا حتى عالمياً فى رسم لوحة تمثل سوقاً شعبياً ببائعيه وزبائنه وبضاعته فى مشهد مفتوح الخلفية بطول يزيد عن العشرين متراً

"المولد" حالة جمعية متوحدة

ويتحدث نجيب: إحدى المشكلات التي تواجه الحركة التشكيلية في مصر وتحول دون تواصلها مع المجتمع هي افتقارها إلى مساحات مشتركة مع المتلقي، من التاريخ والمأثور والمزاج والمعتقد، تلك التي تسهم في تشكيل الهوية لأي شعب। ولا شأن لذلك بنوع المدرسة أو الاتجاه الفني الذي يمارس من خلاله الفنان عمله। بل يرتبط الأمر بما نسميه الوجدان الجمعي والإدراك الكلي لدى المتلقي، بالبصر والبصيرة على حد سواء، وبقدرة الفنان على الإمساك بها। الفنان "طه القرني" يجعل من هذين العنصرين منطلقه ومبتغاه معا، في سعيه إلى المتلقي واستقطابه। ولوحته الملحمية الكبرى "المولد" ترتكز بكاملها عليها।

يضيف نجيب: ففكرة المولد طقس شعبي يضرب بجذوره في الوجدان الجمعي لمختلف الطبقات منذ مئات السنين. إنها حياة كاملة تتغذى على الموروث وتتوازى وتتقاطع أيضا مع عالم يحكمه المجهول ويفضي به إلى مجهولين: المجهول الأول لا يقتصر على قوى الغيب وما تملكه من مصائر البشر، بل يشمل قوى فوق الأرض تفرغ أوضاعا قد لا ترضاها السماء. والمجهول الثاني حياة بلا يقين في عدل فوق الأرض أو عوض عنه في السماء في هذه المنطقة بين اليأس والرجاء، بين الخوف من المجهولين.

يواصلالدكتورخالد البغدادي: اللوحة لا تقوم على السرد الحكائي لأحداث المولد، بل تتكامل جميعا لتؤكد حالة جمعية متوحدة، تجمع بين الواقع والطقس، وبين الملحمة والدراما। لقد نجحت لوحة السوق من قبل في عبور القطيعة الممتده بين الفن والجمهور؛ لأنها كانت منه وإليه، وها هي شقيقتها "المولد" تأتي أكثر شبابا واحتشادا بقوة التعبير وجرأة الاقتحام ودفىء الالتحام بنبض الواقع والناس॥ ويبقى لطه قرني شرف المغامرة بارتياد المسالك الوعرة كي يصل إلى هؤلاء الناس।ويعلق الدكتور طه: لقد كان هذا هو حلمي ، هذا الاشتباك مع الجمهور، وتم عرض اللوحتين على ارتفاع 2 متر في الشارع بما أتاح فرصة أكبر للرؤية ؛ ولذلك أنا اعتبر أن المهرجان كان أنجح من المعارض التي أقمتها نظرا لهذا الاحتكاك المباشر، وقد منع تصوير العرض لدواعي أمنية। كما طلب منى أن تطوف اللوحتان في جميع محافظات مصر،

تعليق أخير:

وإذا كان الفنان بفنه يستطيع أن يصل إلي البسطاء فلماذا إذن يتعالي الآخرون وتكون الهوة السحيقة بين الفن والجماهير ونعود ونتهم المتلقي بأنه لا يفهم ونعود مرة أخري متسائلين وكيف استطاع القرني ان يأتي بأصحاب السوق إلي الأوبرا ويكون بلا منازع فنان الشعب

ندوة رائعة نظمتها المكتبة ومزيد من الإبداع.